حفيظ دراجيقَسَمًا بالنازلات بُطولةٌ تَحكي صَلابةَ الشَّعبِ الجَزائري
"قَسَمًا بِالنَّازِلاتِ المَاحِقَاتِ.. وَالبَلْوَياتِ المَزْعَجَاتِ".. كَلِمَاتٌ تَحْمِلُ دَمَ الشُّهَدَاءِ وَصَوْتَ الحُرِّيَّةِ، تَتَرَدَّدُ فِي ذَاكِرَةِ كُلِّ جَزَائِرِيٍّ يَعْرِفُ قِيمَةَ التَّضْحِيَةِ. حَفِيظُ دِرَاجِي، الَّذِي أَصْبَحَ اسْمًا يُرادِفُ الصُّمُودَ، لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ شَاعِرٍ أَوْ مُنَاضِلٍ، بَلْ كَانَ صَوْتًا يَصْدَحُ بِالحَقِّ فِي وَجْهِ الاسْتِعْمَارِ الغَاشِمِ. حفيظدراجيقَسَمًابالنازلاتبُطولةٌتَحكيصَلابةَالشَّعبِالجَزائري
بَيْنَ الشِّعْرِ وَالثَّوْرَةِ: سِيْرَةُ مُلْهِمٍ
وُلِدَ حَفِيظُ دِرَاجِي فِي عَامِ 1927 بِمَدِينَةِ الْبُلَيْدَةِ، حَيْثُ نَشَأَ فِي أُسْرَةٍ مُتَوَاضِعَةٍ تَحْمِلُ هَمَّ الوَطَنِ. فِي مَسِيرَتِهِ الأَدَبِيَّةِ، كَانَ شِعْرُهُ لِسَانًا لِلشَّعْبِ، يُجَسِّدُ الأَلَمَ وَالأَمَلَ مَعًا. إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِالكَلِمَاتِ، فَانْضَمَّ إِلَى صُفُوفِ جَبْهَةِ التَّحْرِيرِ الوَطَنِيَّةِ، مُسَخِّرًا قَلَمَهُ وَرُوحَهُ فِي سَبِيلِ اسْتِقْلَالِ الجَزَائِرِ.
"قَسَمًا بِالنَّازِلاتِ": نَشِيدٌ خَالِدٌ فِي ذَاكِرَةِ الأُمَّةِ
تَحَوَّلَتْ هَذِهِ الأَبْيَاتُ إِلَى نَشِيدٍ وَطَنِيٍّ غَيْرِ رَسْمِيٍّ، يَرْتَجِلُهُ الجَزَائِرِيُّونَ كُلَّمَا ذُكِرَتِ الثَّوْرَةُ. فِي كَلِمَاتِهِ:
قَسَمًا بِالنَّازِلاتِ المَاحِقَاتِ وَالدَّمِ الزَّكِيِّ المَسْفُوكِ فِي سَاحَاتِ
نَحْنُ ثَرْنَا فَاخْتَرْ مَا بَيْنَ الحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَإِنَّا لِلْمَوْتِ نَحْنُ أَحْيَاةِحفيظدراجيقَسَمًابالنازلاتبُطولةٌتَحكيصَلابةَالشَّعبِالجَزائري
يَصِفُ دِرَاجِي هُنَا لَحْظَةَ الحَقِيقَةِ الَّتِي يَعِيشُهَا المُنَاضِلُ: إِمَّا الحُرِّيَّةُ أَوِ المَوْتُ شَهَادَةً. لَقَدْ كَانَ هَذَا الشِّعْرُ وَقُودًا لِلثَّوْرَةِ، يُذَكِّرُ الجَمِيعَ بِأَنَّ الكَفَاحَ لَيْسَ خِيَارًا بَلْ حَتْمًا.
حفيظدراجيقَسَمًابالنازلاتبُطولةٌتَحكيصَلابةَالشَّعبِالجَزائريإِرْثٌ لَا يَنْضُبُ: دِرَاجِي فِي قُلُوبِ الجِيلِ الجَدِيدِ
رَغْمَ اغْتِيَالِهِ عَلَى يَدِ القُوَّاتِ الفَرَنْسِيَّةِ فِي 1957، إِلَّا أَنَّ رُوحَ حَفِيظِ دِرَاجِي مَا زَالَتْ حَيَّةً. فَاليَوْمَ، نَرَاهُ مِثَالًا لِلشَّابِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِالقَضِيَّةِ وَيُقَدِّمُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِهَا. فِي العَصْرِ الحَالِي، حَيْثُ تَتَجَدَّدُ التَّحَدِّيَاتُ، يَبْقَى سُؤَالُهُ الخَالِدُ: "هَلْ أَنْتَ مُسْتَعِدٌّ أَنْ تَمُوتَ لِكَيْ يَحْيَا وَطَنُكَ؟"
حفيظدراجيقَسَمًابالنازلاتبُطولةٌتَحكيصَلابةَالشَّعبِالجَزائريخَاتِمَةٌ: دِرَاسَةٌ فِي التَّضْحِيَةِ وَالاِنْتِمَاءِ
لَا يُمْكِنُ فَهْمُ التَّارِيخِ الجَزَائِرِيِّ دُونَ اسْتِحْضَارِ أَمْثَالِ حَفِيظِ دِرَاجِي. فَقَدْ عَلَّمَنَا أَنَّ الكَلِمَةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ القَلْبِ، تَصِيرُ سِلَاحًا أَقْوَى مِنَ الرَّصَاصِ. وَفِي زَمَنِ السُّلُوكِ الرَّقْمِيِّ وَالفَرْدَانِيَّةِ، يَجِبُ أَنْ نَسْتَوْحِيَ مِنْ إِرْثِهِ لِنَبْنِيَ جَزَائِرَ الْغَدِ بِنَفْسِ الرُّوحِ الَّتِي بَنَتْ جَزَائِرَ الأَمْسِ.
حفيظدراجيقَسَمًابالنازلاتبُطولةٌتَحكيصَلابةَالشَّعبِالجَزائريفَإِلَى جَنَّةِ الخُلْدِ يَا حَفِيظُ.. لَقَدْ كُنْتَ - وَمَا زِلْتَ - صَوْتًا يُهَزُّ بِهِ الوَطَنُ!
حفيظدراجيقَسَمًابالنازلاتبُطولةٌتَحكيصَلابةَالشَّعبِالجَزائري